ماذا يريد بهاء الأعرجي ؟!

بغداد - العراق اليوم:

لم يفصل بين اعلان السيد مقتدى الصدر البراءة من كتلة الاحرار النيابية، والهيئة السياسية برمتها، وظهور الفاسد الكبير بهاء الاعرجي، سوى ساعات قليلة جداً، وكأن الاعرجي كان ينتظر مثل هذا الاعلان، أو أن ثمة اياد رتبت هذا الظهور، لإعادة تأهيل الاعرجي ودفعه لواجهة المشهد السياسي من جديد بعد غياب طوعي فرضه على نفسه، اثر عاصفة لم يستطع معها كل انصاره وتكتله في ان يوقفوها بعد انفضاح سرقات البنك المركزي العراقي وعمليات النهب المنظم الذي اضطلع به السيد بهاء الاعرجي .

فكانت عودة مريبة في توقيت شديد الحساسية، هذا ما يمكن قراءته من الظهور المفاجئ للاعرجي الذي يريد ان يستثمر فورة الانكشاف، واتساع دائرة المضطلعين بملفات الفاسد من كافة الجهات والحركات السياسية، وكأن الاعرجي يريد ان يقول للشارع العراقي: لستُ الوحيد المتورط بالفساد، بل قد أكون اقلهم حسب المدة الزمنية ! لكن هذا بالتأكيد لا يمكن ان يصدق، فبحسب مصدر نقل عن السيد قصي السهيل في العام 2013 الذي كُلف برئاسة لجنة تحقيقية في ملف مزاد العملة في البنك المركزي، ان "  السيد الاعرجي متورط لوحده بتهريب نصف مليار دولار عبر مصرف أهلي يديره عبر سماسرة !

هذا الملف وغيره من الملفات الهائلة، اقنعت السيد الصدر بالاطاحة به نهاية العام 2015، مع ان السيد الصدر يعرف ان الاعرجي يتمتع بحماية كبيرة من بعض الجهات النافذة في التيار، والتي قد تقلب الأمور على رأس اكبر الأسماء والعناوين في التيار الصدري، حتى ان السيد الصدر نفسه قال له " اني أرى في ابعادك عن الواجهة الآن " لكن هذا لم يعجب الاعرجي فقال في لقائه الجديد والمفاجئ مع قناة الشرقية " لكني لا ارى في هذا أية مصلحة"! بمعنى ان الاعرجي تمرد حتى على قرار السيد الصدر، وقد يكون هذا التمرد أحد اسباب الصدر في اعلان البراءة من الهيئة السياسية رفعاً للحرج الذي قد يتسبب به الاعرجي بعد محاولته اعادة تدوير نفسه في المشهد الذي يكون الجميع فيه متهماً دون استثناء كما يقول مظفر النواب ! .

ان عودة بهاء الاعرجي الآن وفي هذا الظرف يعطي رسالة واضحة جداً، مفادها ان الأمور لا تجري للأسف نحو الإصلاح والتخلص من الفاسدين كما يشتهي ويتمنى السيد الصدر، قدر ما ان ثمة تكتيكاً مرحلياً يتبعه هولاء الزئبقيون الذين يتوارون فترة معينة ثم يعودون للواجهة مراهنين على الذاكرة الشعبية التي تنسى بسرعة، وكذلك ضعف الإجراءات القانونية في متابعة كبار الفاسدين،  ومحاكمتهم بشكل علني وسريع واصدار الاحكام بحقهم .

ان ظهور الاعرجي بهذا التوقيت ومع قرب الانتخابات يؤكد المعلومات التي سبق وان نشرناها عن  ان  هناك حراكاً سياسياً واسعاً لغرض اتباع سياسة الانفلاق والانشطار في القوى السياسية والتكتلات، ومحاولة الالتفاف على الشارع بالايحاء له ان تغييراً جذرياً جرى في بنية هذه القوى، وان قوى جديدة ظهرت، وبالتالي يتم بالالتفاف على الارادة الشعبية الراغبة والطامحة نحو التغيير وبناء معادلة جديدة في العملية السياسية، لكن هذه المحاولات ستبوء بالفشل، نظراً لحتمية انكشافها، وكذلك لوجود رادع شعبي يمنع عودة المفسدين، فضلاً عن قول المرجعية الرشيدة في النجف الاشرف التي كان لها فصل الخطاب، حيث اكدت على قاعدة ذهبية، بالقول " أن المجرب لا يجرب "،  ناهيك عن موقف السيد مقتدى الصدر الرافض لمنح الثقة أو القبول للأعرجي او لغيره من الفاسدين، لذا فأن بهاء لا مستقبل له سوى ملاحقة الشعب والقضاء له ليعيد ما نهبه وما استولى عليه سواء بمهاراته الشخصية او بقدرة تكتلات فاسدة .

علق هنا