من ارشيف المخابرات العراقية : من قتل العلماء المصريين العاملين في برنامج صدام الصاروخي، وماذا فعلت ايران بالعلماء العراقيين ؟

بغداد- العراق اليوم:

في  عام 1989 رصدت بعض أجهزة الاستخبارات الغربية والإسرائيلية نشاطاً لوزارة التصنيع العسكري العراقية التي كان يستوزرها صهر الرئيس حسين كامل، يتلخص في استيراد معدات وأجهزة تخص تطوير أسلحة بيولوجية ونووية.

وقد تسربت إليها أنباء عن استيراد العراق معدات لتصنيع المدفع الجبار البعيد المدى بعيار 359 ملم بمساعدة خبير الصواريخ والقذائف الكندي جيرالد بول، الذي أبدع فكرته وانجازه .

لذلك وقع معه صدام إتفاقاً سرياً تقرر بمقتضاه إستيراد قطعة عملاقة لإنجاز مشروع الصاروخ، فرصدت المخابرات البريطانية السفينة التي كانت تقل تلك القطعة وأوقفتها, وقد ساهم جيرالد بول في نقل ووضع تصاميم لمصانع الإسكندرية العراقية جنوب بغداد لصنع المدفع العملاق من عيار 359 ملم وبمدى يبلغ 1000كم، فما كان من  جهازالموساد سوى أن إغتاله لاحقاً في شقته بالعاصمة البلجيكية بروكسل.

وقد تأجّج الصراع الإستخباري بين المخابرات العراقية والموساد الإسرائيلي الذي تأهّب لاصطياد العلماء الذين يعملون لصالح العراق، ولمراقبة الجيل الجديد من العلماء الجامعيين الحاملين لشهادة الدكتوراة، والمتخصصين في علم الذرة الذين إختارهم صدام حسين وزراءً في الحكومة، مثل وزير النفط العراقي عامر رشيد، وزوجته الدكتورة المتخصصة في العلوم الجرثومية، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي عالم الذرة همام عبد الخالق وغيرهم.

وفي عام 1989 أيضاً قام المهندس الألماني (كارل هاينز شاب) بتزويد العراق بأجهزة الطرد المركزي الخاصة بتخصيب اليورانيوم، حيث قام بتسليم نظام صدام تصاميم سرية خاصة بالبرنامج النووي الأوروبي، وأشرف بنفسه على نصب وتشغيل أول أجهزة الطرد المركزي في بغداد، ويعود الفضل إلى كارل هاينز في حصول العراق على التصاميم الحديثة لهذه الأجهزة عام 1989 حينما باعها لصدام مقابل 21 مليون دولار،  وقد علم جهاز الإستخبارات الألماني (BND) الذي كان يقوده وزير الخارجية الألماني الأسبق كلاوس كينكل عن نشاط كارل هاينز، الذي أُعتقل لاحقاً في البرازيل، حيث وجّهت إليه ألمانيا تهمة الخيانة، والتجسس النووي لصالح العراق.

 في ألمانيا الغربية، وفي العام ذاته أي عام 1989 إحتل عالم هندسة الصواريخ سعيد بدير المرتبة الثالثة على مستوى 13 عالماً فقط في أبحاث الأقمار الصناعية في جامعة ليزيزع الألمانية، وقد كان لافتاً رفضه الجنسية الألمانية، وكذلك رفض إغراءت الألمان والعمل لصالحهم، حيث عاد إلى مصر ليقضي نحبه في 13 يوليو 1989 في حادث غامض ليس بعيداً عن أذهان المصريين, وفي ألمانيا أيضاً كان المدعو ماركوس على صلة بالمافيا الروسية، يعمل لصالح المخابرات العراقية، ليجدوه مشنوقاً في غرفته في أحد فنادق مدينة هامبورغ الألمانية !

كان عشرات الخُبراء المصريين يعملون لصالح العراق , وكان صدام حسين قد أمر بإبقاء الأمر سراً , وما كان الكتمان عازلاً، ولم يكن الاستخفاء مانعاً، ولا الاستخبارات حارساً، إذ وقع في 19 سبتمبر 1989 إنفجار هائل في مجمع التصنيع العسكري في ناحية الإسكندرية جنوب بغداد , وكان دوي الإنفجار من فرط قوته قد سُمع صوته في ارجاء بغداد, وكان الهدف على الأرجح هو معمل إنتاج الصواريخ حيث قضى في الانفجار عشرات الخُبراء المصريين العاملين في برنامج هندسة الصواريخ العراقية متوسطة المدى بما سُمّي ‘‘البرنامج الوطني لتطوير الصواريخ’’.

أنهت وزارة التصنيع العسكري في عام 1989 صناعة صاروخ العابد وهو صاروخ للاتصالات والاستطلاع ولحمل الأقمار الصناعية إلى مداراتها في الفضاء الخارجي، وكان المدفع من فئة الصواريخ الإستراتيجية، حيث يفوق مداه الألفي كيلومتر، أي أبعد من نقطة تواجد الكيان الإسرائيلي , ويبلغ طوله 25 متراً بوزن 48 طن، وقد صُمِّمَ ليحمل وزن 70 طناً عند الإقلاع ، وتم إطلاق صاروخ العابد تجريبياً في 5 ديسمبر عام 1989 من قاعدة جوية في الأنبار غرب العراق، ربما هي قاعدة ‘‘عين الأسد’’ أو كما توقعت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بأنها قاعدة الحبانية الجوية، وقد سبق هذه التجربة تجربتان فاشلتان، الأولى كانت إنفجار الصاروخ بعد الإطلاق مباشرة والثانية إنفجار الصاروخ قبل إتمام المرحلة الأولى, وقد وجَّه وقتها رئيس الولايات المتحدة جورج بوش الأب ورئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر إنذاراً للعراق، طالباه فيه بوقف برنامجه الفضائي الذي نهض بخبرات مصرية وعراقية، تتبعتها فرق اغتيال إسرائيلية إثر الاجتياح الأمريكي للعراق، وقتلت عدداً كبيراً من العلماء العراقيين,  وللحق فقد قامت إيران بالتعاون مع اطراف عراقية بتهريب من بقي منهم إليها قبل أن تطالهم أيادي الموساد،  فمنحتهم اللجوء، حيث أشترك هؤلاء العلماء في تطوير برنامج إيران النووي.

 

 

 

 

 

 

 

 

علق هنا