96 مليار لم تنقذ النفط من السرقة

بغداد- العراق اليوم:

أظهرت وثائق رسمية، أن العراق أنفق ما يزيد على 96 مليار دينار عراقي، على أكثر من 5 آلاف شخص، بهدف توفير الحماية لشبكة أنابيب نقل النفط ومشتقاته في داخل البلاد، خلال 5 سنوات، لكن عمليات التخريب والتجاوز والسرقة استمرت.

 

 وفيما كشفت هذه الوثائق إن الجهة المختصة لم تقم بأعمال الصيانة اللازمة لهذه الأنابيب ما تسبب في ضياع ملايين اللترات من المشتقات النفطية البيضاء والسوداء، سلطت الضوء على الكثير من سبل التلاعب في قياس حجم المفقودات وتحديد أسبابها.

 

96 مليارا على 5 آلاف

وتشير الوثائق المتخصصة بأعمال الرقابة على الشؤون النفطية بخصوص نشاط شركة خطوط الانابيب النفطية للفترة بين عامي 2011 و2015، الى أن العراق أنفق خلال هذه المدة مبلـغ "96150869000" دينار (ستة وتسعون مليار ومئة وخمسون مليـون وثمانمائـة وتسعة وستون ألف دينار) على قسـم حماية الانابيب النفطية في الشركة، وقد بلغ معدل الافراد المكلفين بحماية مسارات الانابيب 5101 فردا خلال سـنوات التقويم.

 

وتؤكد الوثائق، أنه "رغم توفر الافراد والتخصيصات المالية لحماية مسارات الانابيب إلا أنه لم تـؤمن الحماية الكافية للحد من أعمال التخريب والتجاوزات على الانابيب النفطية حيث جرت أعمال تخريب وسرقات عدة خلال السنوات التي تم دراسة نشاط الشركة فيها، حيث تكررت تلك السرقات والتجاوزات على خطوط معينة وضمن مناطق معينة".

 

وأظهرت الوثائق التي استندت إلى نشاط شركة خطوط الانابيب النفطية، أنه من خلال دراسة وتدقيق جداول الصيانة السنوية المبرمجة لشـبكة الانابيب النفطية والتقارير السنوية للاعمال المنفذة خلال سنوات التقويم، تم ملاحظة العديد من الاخفاقات التي أثرت بشكل سلبي على تنفيذ أعمال الصيانة بالفاعلية المطلوبة، حيث لم تتضمن جداول الصيانة السنوية تحديد عدد الايام المقررة لاجراء أعمال الصـيانة خلال السنة وتم بناء خطة الصيانة على أساس أشهر السنة، مما يدل على عـدم وجود صيانة مبرمجة وجدية في تنفيذ الأعمال المدرجة ضمن الجداول السنوية، كما تم إدراج عدد من الأنابيب العاملة ضمن برنامج الصيانة السـنوي خـلال سنوات التقويم إلا أنه لم تجر الصيانة المقررة لها.

 

صيانة 15% من الأنابيب فقط!

 

وأضافت أن نسبة الانابيب النفطــية المدرجة ضمن جدول الصـيانة السنويـــة بلغت نحو 13- 15% من إجمالي عدد الانابيب التي تمتلكها شركة خطوط الأنابيب النفطية والبالغة 162 أنبوبا لمختلف المنتجات النفطية، مع العلم أن هذا العدد يتضـمن 76 أنبوبـا متوقفا عن العمل ومتضرراً لوجود نضوحات كثيرة بسبب التقادم وتوقف عدد من أنابيب الغاز لعدم توفر الغاز، ووفقا لذلك فان عدد الأنابيب المدرجة للصيانة قليل جـدا، وذلك لأن وضع الانابيب بأمس الحاجة الى إجراء عمليات الصيانة المبرمجة حفاظا عليها من التعرض للضرر.

ولم تزود الوثائق بالمبالغ المصروفة حصرا على صيانة أنابيب النفط والغاز خلال السنوات من 2011 حتى 2013، لكن فيما يتعلـق بعامي 2014 و2015 فقد بلغت مصـروفات صـيانة الانابيـب النفطيــــة "1697649000" دينار (مليار وستمائة وسبعة وتسعون مليون وستمائة وتسـعة واربعون ألف دينار، حيث يمثل المبلغ 31 %من إجمالي مصروفات الصيانة للسنوات 2014  و2015 البالغة "5360537000" دينار (خمسة مليارات وثلاثمائة وستون مليون وخمسمائة وسبعة وثلاثون ألف دينار) وهي نسب قليلة جداً مقارنـة بعـدد الانابيب النفطية والاضرار التي تعرضت لها خلال سنوات التقويم.

 

فروقات بالملايين

 

أفاد عدد من الوثائق الأخرى بوجود فروقات كبيرة نتيجة أعمال السرقة والتخريب وتجاوز الكميات المفقودة عن الحد المسموح به نتيجة أعمال التشغيل والنضوحات في الانابيب النفطية بسبب التآكل والتقادم في بعض خطوط الانابيب، وذلك من خلال دراسة حركة كمية المنتجات النفطية المنقولة عبر تلك الخطوط والحوضيات الى المستودعات ومحطات تعبئة الوقود ومحطات الكهرباء.

 

وأضافت أن نسـب اجمـالي الكميات المنقولة عبر الخطوط مقارنة بالنسب المقررة من قبل وزارة النفط فيها مبالغة، حيث أشارت التعليمات إلى أن نسبة الزيادة البالغة "0,002" ممنوحة للخزين فقط والكميات المنقولة بواسطة الحوضيات وأثناء فصل الصيف فقط، نتيجة فقدان المنتوج بسبب التبخير في حين تم احتساب نسبة الزيادة طول السنة وعلى إجمالي كميات البنزين المستلم "المنقول بواسطة الانابيب" فضلاً عن عدم احتساب نسب السماح وبحسب نوع المنتوج.

 

وبشأن الكميات المفقودة المسموح بها من منتوج النفط الابيض ومنتوج زيت الغاز، فقد بلغت نحو (117666765 ) و(49259595) لترا على التوالي، خلال سنوات التقويم وهي تمثل نسبة من إجمالي الكميات المنقولة وفق نسب السماح التي أقرتها وزارة النفط لاختلاف طرق قياس نقل المنتجات، وقد قامت الشركة باحتساب فروقات الكميات المفقودة من منتوج "زيت الغاز والنفط الابيض" كمية واحدة لغرض التحاسب على كلفتها مع شركة توزيع المنتجات النفطية، ولدى الاستفسار عن سبب هذا الاجراء ردت الشركة باعتبار هذه المنتجات مقطرات وسطية متقاربة بالمواصفات النوعية ولا ينتج عن استلامها بالضخ التعاقبي خليط لذا يتم احتساب موجوداتها او فروقاتها كأنها كمية واحدة مما يؤدي الى عدم الدقة في احتساب كلف الفروقات نتيجة اختلاف أسعار المنتجين.

 

وبالنسبة لتكلفة الكميات المفقودة الناتجة عن أعمال السرقة والتخريب، فقد كشفت الوثائق أنها بلغت "15946948000" (خمسة عشر مليارا وتسعمائة وستة وأربعون مليون دينار وتسعمائة وثمانية وأربعون ألف دينار)، وذلك عن مختلف المنتجات النفطية خلال السنوات من عام 2011 وحتى 2013، في حين لم يتم حسم كميات وكلفة المنتجات النفطية المفقودة لعامي 2014 و2015 في المناطق الشمالية بسبب الأوضاع الامنية، إضافة إلى أنه تم تسديد جزء من كلف المفقودات البالغة "138975000" دينار (مائة وثمانية وثلاثون مليون وتسعمائة وخمسة وسبعون الف دينار) الى شركة توزيع المنتجات النفطية باعتبار ان شركة الانابيب هي المسؤولة عن حماية الانابيب النفطية، ثم توقفت الشركة عن دفع كلف المفقودات نتيجة أعمال السرقة والتخريب لحين ضبط الجهة المتجاوزة وحسم الموضوع قضائيا، علما ان هذا الاجراء يزيد من كلف الكميات الموقوفة خاصة وانه لم تحسم أي قضية لغاية تاريخه.

 

خزانات الدهون فارغة

 

فيما يتعلق بالمسـتودعات النفطيـة أظهرت الوثائق الحكومية وجود خزانات دهون عددها 12، وهي شبه فارغة تحتوي على دهون قليلة جدا ومخزونة منذ مدة طويلة بسبب عدم وجود سحوبات عليها، مما أدى الى تضاؤل جودة الدهون المخزونة، كما أن هناك اختلافا في طرق ومعدات قياس تحميل وتفريغ المنتجات النفطية داخل الخزانات، حيث يتم احتساب الكميات المحملة بطريقة العدادات واحتساب الكميات المفرغة بطريقة الميزان الجسري، بالاضافة الى الاختلاف في نوعية العدادات المستخدمة منها "الالكترونية والميكانيكية" مما يتطلب توحيد طرق القياس.

 

أما بالنسبة لصيانة المستودعات والخزانات فقد بلغ عدد الخزانات التي تم إجراء صيانة عليها خلال الأعوام من 2011 إلى 2015، ستة خزانات فقط من مجموع عدد خزانات المستودع البالغ عددها 23 خزانا، واقتصرت عملية الصيانة على تنظيف الخزانات بالرمل وقشطه وطلائه، بالاضافة الى عدم وجود ورشة عمل للصيانة داخل المستودع، كما أنه لاتوجد حفر تصريف "Drain" لتصريف المنتجات المتسربة أثناء الصيانة في منطقة مضخات الاستلام، ولا توجد صمامات تحكم بالجريان والضغط "pcv" و"fcv"عند محطة الاستلام وهذه صمامات مهمة تساعد في إعطاء دالة دقيقة عن ضغوط ومعدل جريان المنتجات داخل الانابيب النفطية.

 

وأكدت الوثائق أن منظومة إطفاء الحريق "fighting fire " لبعض المستودعات النفطية  قديمة ومستهلكة حيث تم انشاؤها منذ عام 1982 كما أن مدافع الاطفاء بعيدة عن بعض المناطق المهمة في داخل المستودع، إضافة لوجود ثلاث خزانات جديدة سعة الواحد 10000 متر مكعب أنشأت من قبل شركة تنفيذ المشاريع النفطية بين عامي 2003 و2006 لغرض خزن المنتجات النفطية، ولم تدخل الخدمة لغاية تاريخه لوجود مشاكل تصميمية.

 

وتطرقت أيضا إلى بعض الخزانات النفطية التي لا تزال فارغة وغير مستخدمة لغاية تاريخه، بسبب عدم معالجة مشـاكلها من قبل الشركة المنفذة مما أدى الى تآكل بعض المعدات نتيجة الظـروف الجويـة، كما أفادت بيانات مقدمة من قسم الحماية الكاثودية والمتضمنة الانابيـب المحمية كاثوديا والبالغة 32 أنبوب، بأن هنالك عدد من الأنابيب تم استبدال مقاطع منها بسبب تآكلها والتي من المفترض ان تكون محمية بالكامل.

 

أنابيب غير مكتشفة

 

ذكرت الوثائق أيضا أنه لدى دراسة طاقات نقل المنتجات النفطية، ولا سيما المنتجات البيضاء تبين أن نسب اسـتغلال الطاقـة تأثرت بوجود أنابيب جديدة لغرض تأمين التوسعات المستقبلية، إضافة لوجود 28 أنبوبا لنقل المنتجات البيضاء ضمن شبكة الانابيب منها 13  أنبوبا غير مستعملة متوقفة لأغراض التأهيل أو لانتفاء الحاجة لاستخدام الانبوب أو متوقفة بسبب الوضع الأمني خلال عام 2014.

 

وتابعت أنه عند تدقيق عينة من المسارات التي تسلكها الحوضيات الناقلة للمنتجات البيضاء تبين وجود خطوط أنابيب، يمكن استغلالها لنقل المنتجات حيث تم نقل نحو 1500 متر مكعب/ باليوم بكلفة 30000 دينار/للمتر المكعب الواحد من مستودع الشعيبة الى مستودع الرصافة، وذلك رغم وجود خط أنبوب (شعيبة – دورة - رصافة) مما كلف شركة التوزيع مبلغ 16425 مليون دينار سنوياً، كما تم نقل 200 م3/يوم بكلفة 20000 دينار/م3  من مستودع الشعيبة الى مستودع الكوت في حين يوجد خط انبوب (شعيبه-ناصرية-كوت)، وهو ما أدى أيضا تكلف الشركة مبلغ 1460 مليون دينار سنوياً، إضافة إلى مبالغ أخرى تكبدتها شركة خطوط الأنابيب.

 

إصابات مهنية

 

في نهاية التقرير الذي استند إلى الوثائق السابقة، حيث أكد تعرض عدد من العاملين في شركة خطوط الأنابيب النفطية الى إصابات مهنية أدتت الى حدوث حالات اختناق ووفاة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة العالية، وذلك بسبب عدم التزام العـاملين باجراءات السلامة اثناء العمل، مما يتطلب أخذ تصاريح عمل قبل الشـروع بالأعمـال الفنية وارتداء معدات السلامة الشخصية من قبل العاملين، ووضع علامات تحذيريـة أو أشرطة قرب مواقع الحفر الخطرة، وعند اجراء عمليات صيانة الانابيب النفطية يجـب ان تكون الحفرة كافية ولايزيد ميل جدرانها عن 45 درجة، ويتم دخول الحفرة بعد تـأمين المكان من قبل مسؤول السلامة المهنية.

 

الجدير بالذكر أن شركة خطوط الانابيب النفطية تأسست بموجب قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997، ويتمثل نشاط الشركة بنقل المواد الهيدروكاربونية بجميع أنواعها داخل العراق من مصادر الانتاج إلى منافذ التوزيع والاستهلاك بشبكة من خطوط الانابيب، وتشمل الانابيب الناقلة للنفط الخام المغذي للمصافي وبعض محطات الكهرباء ونقل الغاز الجاف والسائل من مصادر الانتاج الى مواقع الاستهلاك، والمنتجات البيضاء والسوداء  مع تشغيل وصيانة محطات الضخ والمستودعات النفطية في عموم العراق.

 

وتهدف شركة خطوط الانابيب النفطيـة وفقا للنظام الداخلي لسنة 2011 "المعدل" المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني في مجال القطاع النفطي والقطاعات الصناعية المختلفة من خلال نقل النفط الخام والمنتجات النفطية والغاز بالانابيب بما يحقق أهداف التنمية والخطط المعتمدة في وزارة النفط.

 

 

علق هنا