جهاز مكافحة الأرهاب .. جيش يدحر الأعداء، ومدرسة لتخريج القادة الميامين

بغداد- العراق اليوم:

عقد واحد مضى على تشكيل جهاز مكافحة الارهاب في العراق، لكنه اذا ما قيس بالانجازات على الآرض، وما حققه هذا التشكيل الضارب، فأنه سيتعدى انجاز عقود طوال لأقوى الجيوش والأجهزة الأمنية في العالم، نعم ليست مبالغة، لكننا سنذكر فقط، ويقينآ ان الذكرى ستنفع هنا، فهذا الجهاز الفذ، الذي لو لا جهوده، وتضحياته، لكانت مدن العراق وقصباته نسياً منسياً، ولتحولت مرتفعات الوطن الشامخة لا سمح الله الى " تورا بورا" ثانية، واصبحت سهوله وهضابه  مفاقس للحى العفنة التي تنشر الموت على خارطة الوطن المبتلى، بدواعش الأرض وشياطين الأنس.

 

 

 فعشرة اعوام بقياس الزمن، وبقياس بناء الجيوش والقوات المسلحة النظامية، ليست كافية، و لا يمكن ان تعد في سبيل تكامل هذه الاجهزة، فكيف حولها العراقيون الى منجم لصناعة الأبطال، وكيف نحتوا من الدماء الطاهرة اكبر تمثال للحرية يستظل العراقيون جميعهم بظله، من سنةً وشيعة، ومسيحيين وايزيديين وصابئة، عرباً وكرداً وتركمان وغيرهم من فسيفساء الطيف العراقي، حتى بات العراقيون يفتخرون بأنهم يمتلكون كنزآ لا يماثله كنز في كل بقاع الأرض، نعم، فجهاز مكافحة الأرهاب العراقي منجم حقيقي، ينتج معدنآ لا تنتجه كل مناجم الدنيا، معدن الرجولة والبطولة، والغيرة وعزة النفس والكرامة، معدن التضحية والولاء المطلق للعراق الواحد الموحد ارضاً وشعباً .

 

 لسنا في وارد استعراض بطولات جهاز مكافحة الأرهاب، ابداً، وليس لنا شغل في تعداد مناقب قادته الأشاوس، فهم اشهر من نار على علم كما تقول العرب، لكننا في وارد ان نلقي بقعة ضوء على نجاح عراقي، عز في وقت كثر فيه الفاشلون والمحبطون لمعنويات الشعب، حيث يحيط بزمننا المشككون الذين يريدون ان يطمسوا نور الوطن، بعيون اجياله الصاعدة، فمع كل ما يتحقق الآن على الأرض، ومع ما يصنعه ابطالنا من معجزات، نرى ان البعض ممن أدمن الولاء للشيطان، يحاول بيديه المرتعشتين ان يحجب شمس انتصاراتنا بغرباله المثقوب بعار الخيانة والتخاذل، تدفعه روح الكراهية الى ان يناوئ العراق برمته !

 

ففي السنوات السابقة، وبالتحديد قبل محنة احتلال الموصل ٢٠١٤، كنا نتناقل شفاهاً بطولات رجال جهاز مكافحة الأرهاب، كنا نقرأ بيانات مقتضبة، عن عمليات نوعية ينفذها ابطاله، لكن الكثير من المتابعين، كانوا يتساءلون بحيرة، هل بالفعل لدينا مثل هذه القوة الضاربة ؟ ، ولم لا يظهر رجالها على وسائل الإعلام ليتفاخروا بما يحققوه؟ ، بينما يتشدق غيرهم من الذين لم ينجزوا شيئآ يستحق التباهي  بانجازاتهم صباحاً ومساءاً !

 

 لم يكن مرد هذا التساؤل الحائر الى تشكيك العراقيين بقدرات جهاز مكافحة الإرهاب، معاذ الله، بقدر ما هي ردات فعل، ازاء ما كانت تمارسه وسائل اعلام كبرى عربية وبالتحديد خليجية، او اخرى محلية، لتحطيم روح الارادة العراقية، وتهديم صورة عراق ما بعد الديكتاتورية، لقتل " عراقية" العراقي، التي لا يجد عنها بديلاً ان فقدها . فقد

 

 نجحت وسائل الإعلام للأسف في مهمتها الشريرة، وكان ان زرعت الاحباط والتشاؤم في النفوس، فكانت كارثة ٢٠١٤، درساً موجعاً لكل عراقي، ايقظه هول الصدمة، ومع انطلاق فتوى الجهاد الكفائي المباركة، كان العراقيون يتدافعون الى المواجهة بصدورهم الغاضبة، لكن وللأمانة نقولها، كان رجال الفريق اول الركن طالب شغاتي قائد جهاز مكافحة الأرهاب، قد تقدموا الصفوف واستمروا بمنازلة داعش واخواتها في كل قصبات الوطن الجريح.

 

لحظة حاسمة

 

 في تلك اللحظة الحرجة والحاسمة، لم يعد الابتعاد عن الواجهة، خياراً صائباً، فامام روح الانكسار، لابد ان يومض بريق الثبات، فكان ان رأينا باعيننا، قوات مكافحة الأرهاب تتقدم الصفوف، لأول مرة بعد ملايين المرات من تكرار كلمة اجتاحت التي ترددها وسائل الإعلام العالمية والعربية والعراقية في وصف حالة داعش، وقد تناهى الى اسماعنا كلمة " تصدت " مقرونةً بقوات مكافحة الأرهاب العراقية، وكم كان وقع العبارة هائلاً في النفوس، هنا ايقظتنا المفردة، وبدأ الهدوء والثبات ينساب الى دواخلنا المضطربة مرة اخرى. 

 

في هذه اللحظة وحدها كنا على موعد اخر مع النصر، حيث اطلت علينا ال "هيبة" العسكرية، ممثلة بالجنرال طالب شغاتي، وملامح الصرامة والقوة والاصرار بادية على ملامحه الجنوبية، ليرسم للعراقيين احلى شارات الأمل، ولم يكن شغاتي قائدآ عسكريآ فذآ فحسب، بل اصبح وجهه مفتاحآ للتفاول  وبابآ للبشائر، لاسيما وأن هذا الرجل عند كلمته، ووعده، فما من وعد بنصر اطلقه الا وتحقق على يده وأيادي فرسانه الاشاوس. ولعل وسام الشرف الفرنسي الذي منحه الرئيس الفرنسي للقائد طالب شغاتي، الذي يمثل اعترافآ بشجاعته، وكفاءته العالية في مكافحة الإرهاب ودحره، الا تأكيدآ عالميآ على صدق ما يستحق الرجل من تقدير واستحقاق كبيرين. ومن بوابة جهاز مكافحة الإرهاب يطل ايضآ الفريق عبد الوهاب الساعدي بطوله الفارع، شامخاً بسمو وتواضع، وخلفه وعلى جانبيه يتألق الفتية البواسل الذين بثوا في قلوبنا الإيمان بقدرة العراق وقدرة ابنائه. وللأمانة فإن كل مقاتلي مكافحة الإرهاب قادة وجنودآ يستحقون الإشادة والثناء بالأسماء والتفاصيل واحدآ واحدآ، لكن المشكلة أننا لن نستطيع تدوين آلاف الأسماء والبطولات والحكايات والقصص الفذة في هذه المساحة الصغيرة من موقع ( العراق اليوم) لذلك اختصرنا الأسماء بإسمين فقط، فالبطولة واحدة والأسماء واحدة مهما اختلفت الحروف، وشغاتي

 

البطل بات عنوانإ واسعآ لجهاز مكافحة الارهاب.. إذآ فنحن لن نستطيع كتابة سيرة هذا الجهاز بهذه العجالة، ولن نضع سطوراً اخرى على ما تقدم، لكننا نذكر للتاريخ أن جهاز مكافحة الارهاب، قد تعدى حدود جغرافية العراق، حتى صار محط انظار العالم الحر، بحيث اصبح رؤساء العالم المتقدم يتحدثون بشيء كبير من الاعجاب عن بطولاتنا العراقية.

 

 كما لا يفوتنا ان نذكر هنا بان جهازنا الباسل، كان وسيظل معطاءا للعراق ومؤسساته المختلفة، ولعل وزير الدفاع الحالي المقاتل عرفان الحيالي، كان خير ابن لهذا الجهاز، وكذلك اللواء الركن جليل الربيعي قائد عمليات بغداد الذي تخرج من صفوف جهاز مكافحة الإرهاب، وغيرهم الكثير من القادة في مفاصل الجيش والامن العراقيين الذين سطروا بطولات  فذة ستظل محفوظة في ضمائر العراقيين الشرفاء، وصدور الرجال الذين قارعوا الموت فهزموه، فكتبوا انشودة النصر بدماء شهداء الجهاز وجراحاتهم التي تنز شرفاً وقيماً وحباً للعراق واهله.

علق هنا