بغداد- العراق اليوم:
يختلف الكثير من الاقتصاديين و المختصين بالشأن النقدي، في طريقة تعاملهم مع إدارة المؤسسات النقدية الكبيرة، و هم بذلك يتبعون مدارس متعددة في الأقتصاد، لكن الأهم و الأنسب و الأصلح برأينا، هم الذين يؤمنون بنظرية تسخير المؤسسات في صناعة نمو اقتصادي شامل، و أستدامة تنموية تنعكس ايجاباً على ذات المؤسسات التي يتولون شأن ادارتها.
مرت مؤسسة البنك المركزي العراقي، و خصوصاً بعد التغيير، بمختلف الإدارات، فبعضها كان يؤمن بإتباع سياسة "حمائية"، انعزالية، عن الأقتصاد، و يخشى الأنخراط في صناعة السياسة العامة للدولة، و يفضل أن يصبح البنك المركزي مؤسسة منعزلة، مغلقة، أحادية النشاط، تركز في مهمة التداول النقدي، و الذهاب الى حد تحويل البنك المركزي الى سر من الأسرار الغامضة التي يجهل الجميع كنهها! فيما مثل الدكتور علي محسن أسماعيل العلاق، أتجاهاً أخر من الادارات التي تولت هذه المؤسسة، فهو يؤمن بضرورة تنويع نشاط البنك المركزي، بما يقره قانونه، و بما ينعكس ايجاباً على المؤسسة ذاتها، و قبل ذلك على مجمل النشاط الأقتصادي داخل الدولة، دون التورط في أن يصبح البنك المركزي جزءاً من النشاط الحكومي المباشر، مما يفقدهُ استقلاليته التي وفرها له القانون، لضمان قدرته على حماية الأموال الوطنية، و أيضاً رسم سياسات نقدية تنسجم مع طبيعة النظام الديمقراطي، الذي يمنع أنفراد اشخاص في السلطة من أستخدام النقد لمأرب شخصية أو فئوية أو سلطوية. لقد مثل الدكتور العلاق في فترة توليه لمنصب محافظ البنك المركزي العراقي، للمرة الأولى، و الأن نموذجاً جيداً من الإدارات الواعية لأهمية الاشتراك الفاعل في رسم سياسات الدولة الاقتصادية بشكل عام، و أيضاً الدخول في عملية تنشيط القطاع النقدي بما يخدم تطوير مذخرات البنك المركزي المالية، و تحريك السوق المحلية، فما الفائدة من رص أكوام الأرصدة النقدية التي تخضع لتقلبات السوق، و مزاج العرض و الطلب، دون أستثمارات داخلية و خارجية مدروسة، و ممنهجة، و ذات جدوى اقتصادية واضحة. لقد مثلت إدارة البنك المركزي العراقي الحالية فرصة ذهبية للقطاع الخاص على سبيل المثال للتعاون الحقيقي مع البنك المركزي العراقي، في بناء مبادرات ريادية تسهم في انتعاش الأقتصاد الوطني، و تحقيق الرفاه الاجتماعي، دون المساس بأستقلالية البنك المركزي أو الاقتراب من أرصدته التي بدأت بمجرد خطوات بسيطة تساهم في تطوير البنى التحتية في مجالات الإسكان و الصناعة و الزراعة، و تحقق فائدة وافرة للبنك المركزي ذاته.
*
اضافة التعليق