بغداد- العراق اليوم: ظل البعض يراهن على استمرار حالة الاستعصاء السياسي في العراق، وتحول الاحتجاج الشعبي ضد الطبقة الحاكمة الى صِدام عنيف، كان البعض يقول انه مسألة وقت، وان بدت مظاهره واضحة في الشارع، اذ كانت الساحات تلتهب، الامر الذي وفر بيئة خصبة لمن اراد ان يدفع البلاد للانزلاق نحو العنف والحرب الأهلية. هذا التحدي مع عجز النخبة السياسية عن اقتراح حل وسط يرضي الناس، ويفتح نافذة الحوار، مثل تحدي وجودي للعراق برمته، وكاد ان يفتك بالمنطقة ككل، لكن الذي حدث، ان لطف السماء، وحكمة بعض العقلاء، دفعت لبديل موضوعي كان حلاً وسطاً بين الشارع المحتج، والنخب الحاكمة، اذ مثل اختيار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خطوة موفقة في سبيل تأمين قناة تواصل مناسبة وأمينة مع الشارع، وايضاً ضمانة له على مواصلة نهج الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشامل، وبذلك نجحنا من عبور مرحلة الصِدام، لمرحلة ترجمة الاحتجاج الشعبي لفعل سياسي مؤثر وحاضر، وهنا كانت مخرجات انتخابات تشرين الأول ٢٠٢١، مناسبة جداً، اذ مثلت القوى الجديدة والشعبية حوالي ١٢٪ او اكثر، ورأينا ولأول مرة انفتاحاً على القوى الناشئة، ولا تزال بوادر التغيير السلمي قائمة، واذا سُمح لهذا المنهج ان يأخذ مداه إلى أقصاه، فأنا تحولات جذرية سنراها في المشهد السياسي قريباً، تعلن انتهاء حقبة، وبدء حقبة جديدة، عنوانها الأبرز، مشروع دولة المواطنة، ومقولتها الأساسية الشارع الذي اصبح اللاعب الأقوى بين كل اللاعبين والمؤثرين الإقليميين. ان الكاظمي قاد هذا التحول المهم، بسلاسة وطول أناة وصبر ومطاولة، ولا يزال يمارس دوراً محورياً في تأسيس اعراف جديدة، ويحاول تثبت ركائز نظام سياسي حيوي ديناميكي، فاعل، قابل للتفاعل، وايضاً مرن حد السماح بأحداث تغييرات يريدها الشارع، ويترجمها الفعل السياسي السلمي مؤكداً.
*
اضافة التعليق