لماذا بالغ الإيرانيون بمراسم استقبال الكاظمي هذه المرة؟

بغداد- العراق اليوم:

 



منذ وصوله الى السلطة وتسلمه الرئاسة الايرانية، لم يستقبل إبراهيم رئيسي  أي مسؤول عربي او اقليمي او دولي، بل أفتتح مشواره الرئاسي بلقاء نوعي وتاريخي ومبهر بالفعل، ألا وهو لقاء رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، حيث اظهر (رئيسي) حفاوةً وبروتوكولية عالية في مراسم استقبال ضيفه العراقي، الذي يزور طهران بناءً على دعوة رسمية من رئيسي ذاته، الذي كان قد تلقى مكالمة هاتفية من الكاظمي مهنئاً اياه بمنصبه.

هذا الاستقبال النوعي كما قلنا، والذي أظهرت فيه الرئاسة الإيرانية جوانب نوعية من عملية المراسم المتبعة، كان محط أنظار وسائل الاعلام الدولية والايرانية والعراقية، وقد افردت صحف ومجلات ووكالات انباء وقنوات تلفزة تغطيات واسعة لهذا الحدث المهم، وما يحملهُ من رسائل جدية، لا سيما وأن اللاعب الإيراني في الملعب العراقي قد  مُني بانتكاسات سابقة، وهناك حديث عن تغيير نوعي في شكل التعامل والخطاب الايراني تجاه العراق ما بعد 2019، لذا فأن الزيارة كانت محط اهتمام واضح. لذلك قرأ البعض اسباب الحفاوة الايرانية الفخمة التي حظي بها الكاظمي، من باب حرص الادارة الايرانية الجديدة على التعامل مع العراق الرسمي، القوي، المستقل، السيد، الذي يمكن الوثوق به، وهذا ما لمستهُ ايران من خلال عام الكاظمي الوحيد في السلطة الذي امضاه بعقلانية، وحول العراق من الدور الخامل الى الدور الفاعل والمؤثر، حتى بدأ العراق يأخذ دور عراب المصالحات والاتفاقات، ودور رجل الأطفاء الذي يعالج الحرائق السياسية والأمنية الملتهبة، التي ستمسه ان بقيت متأججة.

إن هذا الوعي الجديد لدور العراق، في ظل رئاسة السيد الكاظمي، غير الكثير  في مفاهيم السلطات الايرانية، مما جعلها تبحث عن شريك عراقي يمثل ثقلاً اقليمياً ودولياً، فضلاً عن قدرة داخلية على التحول لطرف جامع للفرقاء، بدلاً من أن يكون الموقع الذي يشغله رئيس الوزراء مصدر انقسامات داخلية، تسمح بنفوذ داخلي لمختلف القوى الإقليمية. لقد نجح الكاظمي في إيصال رسائل متعددة، ونجح الايرانيون في نقل رغبتهم بعلاقات مميزة معه ومع العراق بالضرورة، وأستبدال الصورة السابقة، وكان ذلك عبر مراسم استقبال تليق بحجم ومكانة الضيف العراقي، وأيضاً من خلال ما طرحه رئيسي من لغة مهذبة ومرحبة ومتفائلة بزيارة ضيفه العراقي الكبير.

في النهاية، فأن العراقيين لا يريدون عداءً مع ايران ولا مع غير إيران لا سمح الله، بل يبحثون عمن يعي دورهم، ويعمل معهم كشريك، لا كمهيمن أو  فاعل داخلي، فهذا مرفوض، وعبر عنه الكاظمي مرات عدة في تصريحات مباشرة، لا تلميحات او رسائل مبطنة، فالرجل كان يعي ما يقول حين قال أنه " ابلغ الايرانيين والامريكان بأنه يرفض تحويل بلاده الى ساحة صراع بينهما"، وما ينطبق على ايران وامريكا، ينطبق بالضرورة على السعودية والاردن وتركيا وسوريا والامارات وقطر .. الخ، وهذا الطرح شجع الايرانيين وغيرهم على البحث عن دور معقول ومقبول في العراق، قائم على الشراكات العلنية والعمل الرسمي المتكامل

علق هنا