الكاظمي يتوجه الى ايران هذه المرة بحقيبة مليئة.. فما الذي سيطرحه هناك؟

بغداد- العراق اليوم:

زيارة عمل هي الثانية له منذ توليه منصبه، يُجريها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى الجمهورية الإسلامية في ايران، ولكن هناك فرقاً وفارقاً بين الزيارتين، زمنياً، حيثُ يفصل بين الأولى والثانية عام حافل بالمتغيرات .. واقصد المتغيرات في الساحة العراقية والساحة الايرانية.

لكن الأهم هو الفرق في نوعية الحوارات والنقاشات، والأجندة التي سيحملها الكاظمي، الذي كان في زيارته الأولى حديث عهد بالسلطة، ويريد التعرف والتعريف بمشاريعه المهمة التي ينوي تنفيذها، لكن الحال تغير الان بكل تأكيد، فهو اليوم يتكئ على منجز حقيقي خلفه في العراق، ويقيناً سيتحدث بلغة واضحة وواثقة مع الإيرانيين عن دور وتأثير العراق الإقليمي ووزنه الدولي، واعتباراته بوصفه مصدر قوة بيده خيارات، لا يمكن لطهران ولا لأي لاعب ان يتجاهل العراق.

الكاظمي سيحمل حقيبة مليئة بالإيجابية، والنقاط القوية، فالرجل انجز مهام داخلية، ذات مديات ومساحات إقليمية، ومنها بكل تأكيد ملف انسحاب القوات الأمريكية من البلاد، الذي استطاع أن يجدوله، ويقترب من حسمه نهاية العام الجاري، وهذا ما كان يشكل مصدر قلق دائم لطهران، ويستفزها، بل ويقلص حجم الثقة في مد الكثير من ايادي التعاون مع جارها العراق.

كما أن الرجل استطاع انجاز أقوى تفاهم داخلي عراقي بين مختلف القوى السياسية الداخلية، والتي بعضها مقرب من طهران، وذهب بالجميع بشكل توافقي الى انتخابات نيابية شاملة ومبكرة وحقيقية، ويمكن أن تنتج تشكيلة نيابية اكثر تعبيراً عن الشعب العراقي، وتصب في صالح الحركة الاصلاحية التي تنمو بشكل مطرد، لتصحيح مسارات الحكم في العراق، وبناء منظومة سياسية جديدة، ولذا ترى ايران وغيرها من الدول المحيطة بالعراق، أن مصالحها مع النخبة السياسية بحاجة الى مثل هذا الاختبار، لثبيت شراكاتها، وأيضاً عدم ذهاب البلاد الى حرب أهلية داخلية لن تكون ايران بمعزل عنها، أن لم تكن بقلب العاصفة، وهذا عامل توتر اخر، أزاله الكاظمي من حسابات وتفكير صانع القرار الإيراني.

ويتكئ الكاظمي ايضاً على منجز دولي مهم جداً، وهو القمة الدولية الناجحة التي عقدت في بغداد نهاية اب الماضي، والتي شكلت أنعطافة مهمة في واقع الشرق الأوسط برمته، فضلاً عن تقريب واضح وبين في وجهات النظر بين الدول المحيطة بالعراق، وتمكن الرجل ان يعقد 6 مصالحات مهمة تقريباً، كانت بغداد محورها، ومنها التقريب الواضح بين طهران والرياض بعد ان كادت الحرب بالوكالة التي تنفذ بينهما تصل الى احراق المنطقة كلها.

ان هذه الملفات تشكل ارتياحاً لدى حكومة (رئيسي) التي تبحث عن اغلاق ملفات التوتر الخارجي للتفرغ للشأن الداخلي، وبناء ملف تفاوضها النووي مجدداً، ولعل خطوة العراق في تقديم الدعم النفطي الى لبنان، شكل ايضاً مصدر ارتياح ايراني، اذ انه يصب بطريقة او ما في خدمة حلفائها ايضاً، ومنهم حزب الله اللبناني، الذي يدير الحكومة بسكل غير مباشر هناك، فرفع العراق الحرج عن ايران وغير ايران بموقفه المسؤول هذا والتضامني مع بلد شقيق يمر بظرف صعب للغاية وغير مشهود.

مضافاً الى هذا كله، فالكاظمي عمل بشكل واضح في الداخل العراقي على منع الاصطدامات الداخلية كما قلنا، وثبت نظرية الدولة الجامعة، ويندفع باتجاه حلحلة عقد متروكة كانت تشكل صعوبات ومصدر قلق داخلي وخارجي، ولعله سينجح في تحييد السلاح خارج الدولة، وضم الكثير من اصحاب النوايا الحسنة ليكونوا جزءاً من مؤسساتها الشرعية، فهم ليسو اعداءً بل لديهم فهم وتصور خاص، سيزول ان زالت مبرراته بالتأكيد.

لذا نرى في( العراق اليوم) ان زيارة الكاظمي ليست زيارة بروتوكولية، ولا هي زيارة مثل سابقتها، بل هي زيارة من نوع خاص، زيارة  بحقيبة مثقلة بالملفات الإيجابية والمنجز على الأرض، فالرجل يمضي الى طهران ولديه ما يقوله للرئيس الجديد ابراهيم رئيسي وللحكومة الايرانية التي تريد أن تبني برنامجها الخارجي مع أصدقاء موثوق بهم ولديهم القدرة على تنفيذ قراراتهم الداخلية المستقلة بالتأكيد.

واخيراً، ربما ستكشف الزيارة ايضاً نبض وتفكير الحكومة الايرانية الجديدة تجاه مخرجات الانتخابات القادمة، وما اذا كانت ايران – رئيسي ترغب في استمرار شراكتها مع الكاظمي وحكومته، وتسعى لحث اصدقائها العراقيين على تجديد الثقة بهذه الحكومة.

علق هنا