الكاظمي الذي حقق في سنة واحدة ما لم يحققه غيره..كم سيحقق لنا ياترى من منجزات لو جددنا له الولاية بأربع سنوات أخرى ؟

بغداد- العراق اليوم:

خلال عام واحد فقط، مضى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لفتح كل الملفات المُعلقة، وواجه بثبات كل الأزمات المؤجلة، وبدأ الرجل يضع الأمور في نصابها، ويعيد اتزان العلاقة بين الدولة والمجتمع، بعد عقد ونصف من عدم الاتزان، وغياب منطق التفاعل الحقيقي.

الكاظمي القادم بلا ظهير سياسي واضح، والمتكئ على قدرته، وايمانه بأدواته في معالجة أوضاع غاية في الصعوبة، والسير بالبلاد عن ألسنة اللهب التي تكاد تبتلعها، وتحرق  أخضرها ويابسها, نجح في التحول لأطفائي، ومسعف في بلاد تكاد تحتضر.

حكومة منهارة، ودولة مفككة، وقوى سياسية فاقدة للبوصلة، وازمة دولية وأقليمية تكاد تتحول لاشتباك دامِ، وحرب عابرة للمحيطات، والعراق في قلب هذه العاصفة!.

كيف يمكن تصور المخرج من هذا كله، لو لم يتصدَ الرجل لهذه المهمة، ويقبل التكليف الذي جاء من الشارع كمطلب شعبي، وكيف يمكنه ان يدير ظهره لنداءات وطنية، تريد منه الاستجابة الفورية لأخذ البلاد الى المستقبل، بدلاً من نكوصها وبقائها اسيرةً لهذه الفوضى العارمة.

جاءت وزارة الكاظمي في ظل ظرف دقيق، حيث نجح هذا الشاب المكتنز بالحيوية والأمل والثقة، في صناعة توافق شعبي وسياسي في آن واحد، كسر فيه انماط الاتفاقات التحاصصية، وعقد العزم على تكليف كفاءات مهنية للنهوض باعباء المسؤولية، فأدار  ملف الدولة بشكل مختلف.

ترشيق الدولة.. واستقلالية المؤسسات

بدأ الكاظمي بطي صفحة الأرت الثقيل من المشاكل السياسية والادارية التي كانت تثقل كاهل الدولة، وتعيق حركة مؤسساتها، فثمة تصادم واضح في الدولة، بين بقايا النظام البائد، والقوى العميقة والخفية التي حاولت الحكومات اللاحقة ان ترسخها، مضافاً لذلك حجم الفساد والبيروقراطية واستشراء الزبائنية السياسية في عمل المؤسسات.

لقد نجح الرجل دون شك في التخلص من ارث هائل من الارتكابات سواءً في ملف الأمن والعسكر، أو الاقتصاد والتعليم والاستثمار وغيرها، ولا يزال يجري تغييرات هيكلية وجذرية في مؤسسات الدولة دون توقف، علها تستعيد عافيتها المفقودة، وتعود لسكة انطلاقها مجدداً.

اعادة الوحش الى قبره !

استغل تنظيم داعش اضطراب الأوضاع السياسية في البلاد، وتنشط خلال العام 2019 وما تلاه أبان الفراغ الحكومي، وما أن بدأ النشاط يدب في أوصال التنظيم المقطعة، حتى وجهت حكومة الكاظمي الضربات الواحدة تلو الأخرى للتنظيم، لتجهز على خلاياه، وتحيد قادته، وتتخلص من شروره، ولعل هذا الجهد الكبير كان مشهوداً من خلال العمليات النوعية التي نفذتها أجهزة الكاظمي الأمنية بما فيها جهاز المخابرات الوطني الذي لعب دوراً كبيراً في إصطياد رؤوس داعش المهمة، وقد لاقت هذه العمليات العسكرية والأمنية العراقية اشادة كبيرة داخلية وخارجية.

انقاذ الدينار .. انقاذ الفقراء

لم يكن حراك تشرين 2019، حدثاً عارضاً، ولم يكن الانفجار الاجتماعي مجرد ردة فعل آنية، قدر ما كان جزءً من أزمة ضاربة نخرت المجتمع، وانهكت قواه، فانتفض للخلاص من ضغوطها، فخاصة وإن زمة كورونا، والاغلاق العام، وهبوط اسعار النفط، وانهيار الاقتصاد العالمي قد وضع العراق على حافة الهاوية، حتى كادت البلاد تشهر افلاسها، وتعجز الحكومة عن سداد معاشات موظفيها، لكن الحكمة، واجراءات ضبط الانفاق والترشيد، وسياسات أخرى كانت كفيلة في تجنب السيناريو اللبناني أو بعض السيناريوهات المشابهة.

مشاريع معطلة ترى النور اخيراً

مضى رئيس الوزراء في نصف العام الأول من حكومته، لإعداد ورقة ستراتيجية لغرض البدء بمعالجة ملفات ساخنة وضاغطة، لاسيما ملف الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والطرق والجسور والصحة وغيرها من البنى التحتية، وبالفعل نجح الرجل في حصد ما انجز، فلا يكاد يمر يوم دون ان تفتح الدولة عدداً من المشاريع على مستوى المحافظات، ويلحظ المواطن تحسناً وفرقاً في الواقع الخدمي، وهذا انعكس ايجاباً على المزاج العام الذي عاد للتأمل والمطالبة بأن تمنح الحكومة المزيد من الوقت لتحقيق المزيد من الانجازات على الأرض.

كل هذا المتحقق، كان حصيلة عام واحد فقط، كانت الأشهر الأولى منه، هي عمل دؤوب لفض الاشتباك بين الشارع المحتج والقوى السياسية المرفوضة من هذا الشارع، ومع النجاح في منع سيناريو التصادم، والتعجيل في اجراءات الانتخابات المبكرة، واستعادة ثقة المتظاهرين في جدية الدولة في معالجة ملفات مهمة، وبدون غطاء سياسي ساند لعمل الحكومة، بل لاحظنا للأسف تعمداً في اعاقة تقدمها.

كل هذا الذي تحقق في سنة فحسب، فكيف يمكن أن نتصور الحال لو حصل الكاظمي على زمن ولاية كاملة جديدة، وحصل على اسناد سياسي مضاف للأسناد الشعبي الذي يتمتع به الآن، وهل لنا أن نتصور كيف سنرى عراقاً اخر بقيادة رجل مقبول في الداخل، ومتفاعل مع المحيط لمصلحة بلاده، وواضح في الدفاع عنها وعن سيادتها بوجه أي اعتداء او محاولة استغلال او اضعاف.

لتغمض عينيك عزيزي القارئ وتتخيل بموضوعية ودون إنحياز، كم سيتحقق لنا كعراقيين من مختلف الأطياف والمدن والقصبات والأديان والملل على يدو هذا - الكاظمي - لو إمتدت رئاسته لأربع سنوات صافية بلا مشاكل؟

علق هنا