رئيس الوزراء القادم

بغداد- العراق اليوم:

كتب رياض الفرطوسي

الحديث عن رئيس الوزراء القادم يجب ان لا يكون حديثاً ‘

عن شخص بأسمه ووسمه ‘

بل عن مرحلة جديدة وعن مؤسسة حكم حكيمة وناضجة ‘

تلعب دوراً في المجتمع والسياسة والمعرفة والفكر والثقافة ‘

والقوانين وان تكون كرامة الناس مصانة ‘

ومع الوقت والمراس والتجربة يتحول المجتمع الى مؤسسة كبيرة ‘

متماسكة ومنضبطة وفق قوانين الحياة الانسانية ‘

لكن قبل كل هذا يجب ان يخف الدخان ويهدأ الرصاص والفوضى ‘

لانه لا يمكن مطلقاً الرؤية الصحيحة في اجواء الضباب والاحتقان والعتمة .

قبل وصول  رئيس الوزراء الجديد ‘

وقبل ان تسقط قدماه على ارض مكتبه ‘

يجب ان تسقط كل كراهياتنا المزمنة ‘

وثقافة الثأر والانتقام والسحق والكذب ‘

والتسويات والصفقات والهروب من المشاكل بالاهمال والتراكم .

لابد ان نرتفع في محبتنا لبعضنا البعض .

لان عناصر قوة اي نظام في الكون تعتمد على قوته الداخلية ‘

سواء في المنظومة السياسية او في الامن او في الاقتصاد ‘

او في مصادر الطاقة او الخدمات .

هذه القوى هي مصدر استقرار المجتمع ونهضته وبناءه .

رئيس الوزراء القادم يجب ان يكون صديق الجميع ‘

في السلوك والعقلية والعلاقة ‘

وان يهتم بالاخرين على اساس كفائتهم ‘

 ونزاهتهم ومواهبهم وافكارهم ‘

لا على اساس عوائلهم وانتمآتهم الشخصية .

ان يكون حميماً عندما تقسى قلوب اصحاب ‘

البطون المتهدلة من الشبع والتخمة والكسل .

وان يكون في مقدمة مهامه بناء الانسان اولا ‘

فنحن نعيش منذ سنوات طويلة في حلقة مغلقة ‘

والناس منذ ذلك الوقت تحلم بالاصلاح السياسي ‘

لكننا نعيش للاسف في نفق الغباء السياسي ‘

وهو وضع كارثي افرز واقعاً صعباً على مستوى ‘

التجربة السياسية والاجتماعية والاخلاقية والنفسية .

فبعد ان عانينا من حكم صدام الدكتاتوري وهو عبارة ‘

عن هيمنة سلطة قمعية فاسدة حكمت العراق بطريقة ‘

انتهازية وكارثية مشينه ‘

انتقلنا الى تجربة جديدة تشكلت على انقاض بلد متعب ‘

وشعب مرهق وقلوب محطمة بالفجيعة والاسى والحرمان والفاقة .

فماذا افرزت لنا هذه الحقبة ؟

افرزت ظاهرة الفساد المجتمعي والسياسي اضافة لثقافة ‘

الالغاء والوصم والكذب والادانة والكبت وقلب المعايير‘

بحيث يطلق على النصاب تسمية شاطر ‘

والسارق يفتخر بانه اصبح ( فهلوي ) ويِّطلع حقه .

قاريء نشرات الاخبار او كاتب الخطابات الانشائية المكررة ‘

يطلق على نفسه باحث او خبير اعلامي او قانوني .

ولان هذا المجتمع مسروق وجائع وعانى كثيراً وجُرد ‘

من كل شي يمتلكه فلم يعد يمتلك ارضية يستطيع بناء ‘

مستقبله عليها ‘

ما العمل وكيف نرفع الناس الى المستوى الانساني والاخلاقي ‘

بحيث لا نعطي وصفات وحلول جاهزة قد يكون تأثيرها ‘

سلبيا وقاتلاً احياناً .

لذلك فأن مهمة بناء الانسان لا تقع على رئيس الوزراء القادم ‘

فحسب وانما على عاتق المفكرين والنخب ايضا .

التعامل مع المجتمع والشباب حصراً ‘

يجب ان يكون وفق القراءة الواعية لظروفهم ‘

ولما يستفزهم ويؤثر فيهم داخلياً وخارجياً ‘

يجب ان لا نربي ونبني جيلا جائعاً ‘

ولا يمكن ان تكون النصائح وحدها كافية ‘

في التأثير على توازن الانسان وسلوكه ‘

من دون توفير حاجاته الضرورية والانسانية المشروعة .

علينا ان لا نترك الانسان ضحية مكشوفه ‘

 ومستنزفة من الفاقة والقلق والخوف ‘

حينها لن يكون الانسان متوازنا في سلوكه الادمي ‘

وسيبحث هؤلاء الضحايا ‘عن ضحايا اخرى للتنفيس والانتقام ‘

عن التراكمات النفسية المزمنة .

قد يشكل هذا التيار قوة مؤثرة ولكن هذه القوة تفتقد ‘

للاستراتجية ‘ والتخطيط ‘ والمشروع .

لان المتضرر يتصرف وفق نظرية المواجهة ‘

والتصدي والحقد .

المجتمع مستنفر سواء كانوا من العاطلين او الموظفين ‘

والبيئة الاجتماعية مليئة بالكراهيات والضغائن والمضايقات ‘

والصراعات في الرزق والعمل والعلاقات وكل شي تقريباً

اي مجتمع عندما يصل الى هذه المرحلة ‘

تدرك اننا في مرحلة التصدع والغليان والارتباك .

علينا ان نعرف ان رئيس وزرائنا القادم لا يمتلك كل الحلول ‘

لاننا نعيش في واقع معقد للغاية

وحرية الاختيار وحدها لا تكفي للاختيار الصحيح احياناً‘

لان الناس تحتاج من يوضح لها ليس بالكلام فقط ‘

وانما من خلال المواقف والافعال ‘

وعبر نظرية التحليل العلمي للواقع ‘

وايضا من خلال العمل السياسي الذي يكفل توزيع الثروة ‘

بشكل عادل وتوفير العدالة في المجتمع .

فالعراق يمتلك كل مقومات الدولة الحديثة .

 لدينا ثروة بشرية واقتصادية وثقافية هائلة ‘

يجب استثمارها بشكل استراتيجي مخطط له ‘

لكي ننهض ونواكب الامم الحية .

علق هنا