اين الحكمة يا تيار الحكمة : وزير يحتفل بافتتاح خط جوي، وآخر " يخبص الدنيا" بمباراة للعواجيز؟!

بغداد- العراق اليوم:

هل التغيير المنشود والمأمول والمرتجى يتحقق بمجرد ان تتخلى القوى السياسية في العراق عن شعاراتها، وتنزع جلودها بين فينة وأخرى، كما تفعل الافاعي، وتظهر بشكل اخر، هل هذا الذي ينتظره المواطن الذي يرى ان الاحتقان بلغ حدًا لم تعد مثل هذه الأساليب قادرة على تنفيسه؟

هل يمكن الأمان لمجرد ان يغادر حزب سياسي اسمه، ويدير منصته لاتجاه معاكس، وينتهي الأمر، ويمكن بعد ذلك ان نقول للشارع اهدأ واستكن، فلقد انجزنا المطلوب، وانتظر عقودًا مضافة، لنكرر هذا تارةً اخرى وهكذا دواليك .

في عام ١٩٢١ استولدت بريطانيا احزابًا وقوى سياسية تقليدية ارادت من خلالها الانطلاق لبناء دولة جديدة في العراق، وكانت تعول على ان الزمن قادر بدورته على انجاز تمثيل شعبي اوسع كلما تقدم، الا ان هذا لم يحدث، فهذه القوى تكلست في عمق العملية السياسية انذاك، ولم تعد اي قوى ناشئة قادرة على احداث اختراق. فمثلًا رئيس الحكومات المخضرمة نوري السعيد، كان بين الحين والاخر يعلن عن تشكيل جديد، الا انه جديد بالأسم، بينما المضمون ذاته. الى الحد الذي ادركت النخبة السياسية والعسكرية والثقافية، استحالة تحقيق التغيير من داخل هذه البنية، فكان ١٩٥٨ عامًا حاسمًا احدث هذا الاختراق " الراديكالي".

نسوق هذه المقدمة التاريخية، للاشارة الى ما يمكن ان نسميه عملية النسخ   اللا شعوري الذي تقوم به بعض قوانا السياسية الآن، للالتفاف على عملية عزل شعبي لها، بعد ان وضعت اسمها وادائها في قائمة الفشل والاخفاق. ولعل تجربة المجلس الاعلى في العراق كانت واحدة من هذه التجارب، فرئيسه  السيد عمار الحكيم غادره، بعد ان ادرك ان هذا المركب خرقته سياسات الفشل والفساد  ولم يعد يقنع اي شخص ان يبحر فيه، فكيف بشارع غاضب ومحتقن.؟

ويمكن وصف خطوة الحكيم بالذكية، لو انه فر من هذا المركب الغارق بنفسه، لكن ان يفرغ الحكيم هذا المركب وينقل اليه محتواه السابق، فلا يمكن الا ان نقول انها عملية التفاف مفضوحة وفاشلة للأسف.

الحكمة : الحمامي انموذجًا !

لا يكفي ابداً أن يغادر الحكيم المجلس ليعلن تيار الحكمة، للتكفير عن ذنوب الفشل الثقيلة، ولا يبرر ايضًا اعادة تأهيل وجوه الفشل والفساد من جديد، او الاحتفاظ بالكثير منها.

فأين الحكمة السياسية من تبني وزير مثل كاظم فنجان الحمامي الذي حول وزارة النقل الى واحدة من علامات الفشل الذريع في اداء الحكومة العراقية، فضلًا عن استشراء الفساد والمحسوبية، والتسيب وغياب الرؤية الى الحد الذي بات اداء الوزارة يؤثر على كل المفاصل الحكومية المجاورة.

فالحمامي الذي لم يجد بين يديه شيء ليصنع منه " بروغندا" له ولوزارته الفاشلة، غير التصريحات الرنانة، بل والمضحك احياناً، او اقامة المهرجانات الإحتفالية لمشاريع واعمال لا وجود لها في خارطة الواقع، ولعل ( الجنجلوتية ) التي اقامها الحمامي بمناسبة اعادة افتتاح خط جوي بين بغداد-موسكو، دليل ساطع على ما نقول، حيث دشن الوزير هذا الخط بوفد نيابي وحكومي كبير قوامه ٩٠ مسؤولًا بين نواب وعوائلهم، وحواشي السياسيين وغيرهم، وسط دهشة المختصين في  عمل الخطوط الجوية العراقية، واستيائهم الصامت خشية اقصائهم .

فبحسب مسؤولين في الخطوط الجوية العراقية ان مثل هذا الاحتفال غير مبرر لاسباب مهمة، من بينها ان العراق لايملك طائرات في هذا الخط، ولا قدرة له على ادامة عمله، مما يعني ان الخط سيبقى مجرد ممر لشركات اخرى، ثم ان الخط لم يستحدث الان، انما جرت عملية اعادته للعمل فعلام الاحتفال الصاخب؟.

ويضيف المختصون " كان مبررًا ان يحتفل الحمامي لو انه رفع نسبة المسافرين الى نسبة معينة عبر شركة الخطوط الجوية العراقية، لا ان تتراجع الشركة يومًا بعد اخر، بينما تتصاعد كل الشركات المحيطة بنا الى درجة ان مطار حديث عمرًا بالنسبة للعراق كمطار دبي يستقبل يوميًا ٢٤٠ الف مسافر، بينما نجد ان مجموع مسافري شركة الخطوط الجوية لعدة أشهر قد لا يصل الى رقم يوم واحد من مسافري الخطوط الجوية الأماراتية، أو القطرية أو الأردنية، فأي انجاز تحقق على يديه ليحتفل به، ولم كل هذه الجلبة الإعلامية؟

الحكمة : النصراوي ثانيًا!

اذا ما تركنا الحمامي ووزارته، فأين الحكمة من تجربة ماجد النصراوي الهارب، والذي جاء به الحكيم والمحيطون به الان، من يتحمل فاتورة فساد هذا المحافظ وفشله الذريع، وتدميره للبصرة ونهبه لمواردها، من المسؤول عن سرقة مخصصات البصرة وتبديدها على الدعاية الاعلامية وتسخير جيوش الالكترونية، كانت تهاجم كل من يقترب من البصرة ولو بالكلمة، حتى اصبح النصراوي نمرًا من ورق، وحين وصلت رائحة الفساد الى مستويات لا تطاق، تم تهريبه عبر السيناريو الشهير. دون ان يعترف تيار الحكمة بخطئه وتحمل تبعات ما جرى، فأي حكمة يمكن ان نتحدث عنها ؟. كما ان مدير عام الخطوط الجوية العراقية سامر كبة يقبع الان في السجن بجرائم الفساد والرشوة وهو عضو بارز في تيار الحكمة .

الحكمة : اسطورة عبطان !

واذا تركنا كل هذا، ولعل البعض يريد ان يوقعنا في مطبات واشكالات رقمية وفنية في محاولة لخلط الاوراق، فكيف يمكن ان يخلط الاوراق مع تجربة فشل واضحة في اداء وزارة الشباب والرياضة، التي حولها عبد الحسين عبطان الى وزارة اعلام غير معلنة، حتى ان اغلب كادر الوزارة العرمرم تحول الى مجرد مدونيين يمجدون انجازات الوزارة، التي لا يعرف عنها الجميع شيء، فكل الملاعب التي افتتحت انما كانت من ضمن مشاريع الوزارات السابقة، او مشاريع نفذتها المحافظات عبر خطة تنمية الاقاليم، فأي فضل لهذا الوزير، اللهم الا قص بعض الشرائط في حفلات الاحتفال الباذخة، فيالها من وظيفة، " قص اشرطة وحضور احتفالات".

واذا ما صدع رؤوسنا الوزير بمباراة (الاساطير) التي انفق عليها مبالغ طائلة، فهل هذا عمل الوزارة ياترى، وما هو عمل اتحاد كرة القدم إذاً ؟

ثم لنفترض ان الوزارة تعدت صلاحياتها ونظمت من باب " الميانة"، فمن اباح لها ان تزيف التاريخ، وكيف يمكن ان نسمي من حضروا الى البصرة ( اساطير)، فأين سنضع " ماردونا، وبليه، وميسي، ورونالدو، البرازيلي، وكارلوس البرتو، وكريستيانو رونالدو ، وبلاتيني وغيرهم ".

هل هذا الانجاز للسيد عبطان الذي يعلم اي ضائقة مالية تحاصر كل الاتحادات الرياضية، وكم من فرق حرمت من مشاركات عالمية مؤثرة بسبب بضعة الاف من الدولارات، بينما انفق معاليه مئات الاف من اجل صناعة " هوسة" اعلامية (وشو) يبحث عنه عبطان ومن خلفه الحكمة!

ومن الجدير بالذكر ان حركة الرياضة والشباب تدهورت في زمن (الاسطورة) عبطان تدهورا  فظيعا فهاهو منتخب العراق لكرة القدم  يتذيل قائمة التصنيف الدولي بعد ان جاء ترتيبه 120 بين منتخبات العالم وفيما جاء  تسلسه العربي تحت مستوى سوريا وليبيا واليمن ومنتخبات اخرى كان العراق يتسيد عليها بتفوق .

اما حركة الشباب العراقي في عهد عبطان فحدث بلا حرج . اذا ليترك عبطان والحمامي وغيرهما الحديث عن الانجاز والاصلاح والعدالة و(الحكمة) , لانهم جميعا بلا أنجاز ولا حكمة .

 

علق هنا