ياسر عبد صخيل.. الحارس الذي أصبح يجالس "لافروف"

بغداد- العراق اليوم:

ليست مصادفةً فقط، بل هي طفرة وراثية، في تجربة العراق السياسية الطويلة، تلك التي أتت بنواب لم يكونوا على خارطة المشروع السياسي، ولا بال الناخب العراقي، لكن هذا هو حال "الطفرات"، فهي خرق لناموس الطبيعة، وكسر لنمط التوالد المألوف!

نعم، فإن يصبح بائع الثلج، نائباً لرئيس الجمهورية مثلاً، أمر غريب لكنه حدث مع عزت الدوري رغماً عن انوفنا، ومن هذا النموذج، وهلم جرا تتعدد الصور في أوقات وظروف مختلفة، الى ان فاجئتنا تجربة ما بعد 2003، بنماذج من هذا المستوى، بل وأسوء!

فهذه التجربة عليها ما عليها، مثلما لها ما لها، لكنها تجربة جاءت لنا بالغث والسمين، واتت بنواب تحولوا الى نوائب على رؤوس الشعب العراقي، ولم يكونوا على قدر المسؤولية الوطنية والتحديات التي تحيط بالعراق وتجربته، ولعل الدورات النيابية السابقة، كانت حافلة بهؤلاء، والى الآن يعاني مجلسنا النيابي من نواب لا طعم لهم ولا لون ولا رائحة، اللهم سوى رائحة الصفقات والفساد التي تزكم الانوف!

 من هؤلاء النائب الذي جاء الى مجلس النواب على عربة غيره، ياسر عبد صخيل، الذي لا يعرف "الحيص من البيص"، ولا يفرق بين الناقة والجمل، فالرجل لا يعرف ابجديات السياسة والنيابة، وكل الذي يعرفه، ان كان مجرد حارس شخصي، يجيد الوقوف على أبواب الغرف المغلقة، لكن الذي حدث، هو انه ذو حظ عظيم، ونسب محظوظ. فقفز دون مقدمات الى احضان النيابة، وولج الى كواليسها، وهو لا يكاد يعرف له دور سوى كونه (كومبارس) في مشهد محتدم، ولأنه صدق مقولة "عادل أمام" في مسرحية الزعيم حول تبدل معايير الزمن، وان العالم الآن يجب ان يحكمه الكومبارس، راحت أمانيه تمتد وتمتد الى بحور واسعة، خاصة وإن مركبه الذي استعاره من سمعة غيره وشهرته، أصبح الآن يمخر عباب بحور الفساد بقوة، فكان ان اصطدم بقوة الواقع الذي سيلفظه عما قريب، وسيعيده الى دوره السابق، ولكن بعد ماذا، بعد ان استغل هذا الظرف الخاص والاستثنائي ليكون مليارديراً، بعد ان كان مجرد عامل بسيط في استراليا!  بل أنه وصل الى ان يكون عضواً في وفد حكومي عال، هو الان في موسكو يجلس قبالة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على طاولة واحدة، في الوقت الذي لا يعرف فيه (صخيل) ماذا يشتغل لافروف، او ربما لا يعرف لفظ اسم لافروف بشكل صحيح كما تلفظه عباد الله!

تجربة ياسر الذي يدير الان جيوشاً الكترونية، تحاول ان تلمع صورته امام الشارع، تجربة مؤلمة وبحاجة الى قراءة تحليلية عن انحدار الواقع السياسي، وما تركه هؤلاء الذين خلقتهم الصدفة على وجه المشهد من أثار بالغة الضرر والاذى لكل التجربة، وهي لحظة يجب ان يقرأ من خلالها الواقع قراءة جيدة، يحاكم شعبياًـ فالمواطن العراقي الذي سمح لصوته ان يذهب لياسر وامثاله يجب عليه ان يراجع نفسه كثيراً، وان يحاسبها بشدة، فهؤلاء الذين جاؤوا الى واجهة الحدث ليسوا جديرين بالبقاء فيه، وليسوا عناوين ملائمة لمرحلة تحتاج الى كفاءات استثنائية، وقيادات شابة تعمل على ردم الهوة، وبناء الوطن.

فتسيد المشهد من قبل هذا الشخص ومن يشبهه، يأتي في مرحلة عابرة من مراحل التجربة السياسية، وان الخوف سيزول حتماً حين تصحح الديمقراطية ذاتها، وتبعد دورة التصحيح أمثاله عن الواجهة، فهو سيظل أصغر بكثير من حجم الصورة، واتساعها، مهما حاول التطاول، وحاول ان يطير، ورحم الله الشاعر صفي الدين الحلي، حيث يقول إنّ الزرازيرَ لمّا قامَ قائمُها، تَوَهّمَتْ أنّها صارَتْ شَواهينا!

علق هنا