عواقب هجمات داعش على إيران سيشعر بها الجميع في كل أنحاء العالم.. لماذا؟

بغداد- العراق اليوم:

اختار الإرهابيون الذين نفَّذوا العملية المميتة في طهران، أمس الأربعاء، 7 يونيو/حزيران 2017، استهداف اثنين من رموز ثورة 1979 الأشد تأثيراً، وهما البرلمان الإيراني وضريح مؤسس الجمهورية الإيرانية آية الله الخميني.

وتُعتَبَر هجمات الأربعاء صادمةً للغاية بالنسبة للمواطنين الإيرانيين العاديين، الذين كانوا في مأمن نسبيٍّ من مثل هذه الاعتداءات خلال السنوات الأخيرة، وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.

وألقى الحرس الثوري الإيراني باللائمةِ في هذه الاعتداءات، التي تبدو أنها مُنسَّقَة، على السعودية. وبغض النظر عن حقيقة تلك الادعاءات، فمن المُحتَمَل أن يكون لها تأثيرٌ سياسي كبير خارج إيران، مع إمكانية تسببها في توتراتٍ بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية وباقي دول الخليج.

وسرعان ما أعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مسؤوليته عن الهجوم. وإذا ثبتت صحة ذلك فإنه سيعني أن الجماعة المسلحة المعروفة بنمط الإرهاب العشوائي قد نجحت أخيراً في إدخال نفسها في موطن خصمها الشيعي الرئيسي.

وقالت إيران إن المهاجمين الذين قتلوا 12 شخصاً على الأقل في هجومين داخل العاصمة الإيرانية طهران إيرانيون، جنَّدهم تنظيم داعش، وفقاً لما أورده موقع "بي بي سي".

من جانبها نفت السعودية الاتهام الإيراني، وقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في تصريح للصحفيين في برلين بألمانيا، إنه لا يوجد دليل على أن سعوديين مسؤولون عن هجومي طهران، مضيفاً أنه لا يعلم من المسؤول.

وندَّدت وزارة الخارجية الأميركية بالهجوم، قائلة: "سفالة الإرهاب لا مكان لها في العالم المتحضر الآمن".

وعبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تعاطفه مع الضحايا الـ12 الذين قضوا في الهجومين، لكنه نبه إلى أن "الدول التي تدعم الإرهاب تجازف بالوقوع ضحية للشر الذي روَّجت له".

الكهف

وأشارت الغارديان إلى أن ضريح الخميني، الذي دُفِنَ فيه منذ ما يقرُب من 28 سنة، وبالتحديد في السادس من يونيو/حزيران عام 1989، هو مجمعٌ هائلٌ يَظهرُ جلياً في سماء جنوب طهران. وكل عام، يزور عشرات الآلاف من الإيرانيين، قاعاته الأشبه بالكهف. وعلى عكس مبنى البرلمان الذي يُشبه القلعة في وسط المدينة، فإن الحراسة الأمنية على الضريح غير مُشدَّدة. لكن ذلك سيتغيَّر الآن.

بالنسبة للإيرانيين، يبدو الهجوم على قبر الخميني مُكافئاً لمحاولةِ شخصٍ تفجير النصب التذكاري للرئيس الأميركي الراحل إبراهام لينكولن في العاصمة واشنطن. وإذا ثَبتت صحة إعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم، فإنها ستكون المرة الأولى التي ينجح فيها التنظيم في ضرب قلب إيران، رغم أنه حاول فعل ذلك مراراً في الماضي القريب.

من هم حلفاء داعش داخل إيران؟

ويخوض تنظيم داعش حرباً عسكريةً وأيديولوجيةً في مواجهة القوات الإيرانية وحلفائها في سوريا والعراق. وتعهَّد التنظيم في مقطع فيديو أصدره، في شهر مارس/آذار 2017 "بإخضاع إيران وإعادتها دولة إسلامية سُنيَّة مرةً أخرى كما كانت من قبل". ويدعي الجهاديون أن قادة إيران من رجال الدين وأسلافهم السلاطين الفرس اضطهدوا السُّنَّة على مدار قرون.

ويحظى تنظيم داعش بحلفاءٍ طبيعيين داخل الجماعات المسلحة في محافظة إيران الجنوب شرقي سيستان وبلوشستان، والتي تضم عدداً كبيراً من السكان السُّنَّة. وعام 2010، قَتَلَ متطرفون سُنَّة مرتبطون بشبكة جنود الله 39 شخصاً في مسجد في المحافظة. كما أن جماعات من الأقلية الكردية ومن ذوي الأصول العربية لهم تاريخ من الهجمات محدودة النطاق في الشمال الغربي والجنوب الغربي على التوالي.

ووقعت هجمات الأربعاء في إيران قبيل الانهيار المتوقع للخلافة التي أعلنها تنظيم داعش، إذ اقتحمت قوات الجيشين العراقي والسوري المدعومة من إيران، إضافة إلى ميليشيات كردية أميركية وبريطانية، معاقل التنظيم في مدينة الموصل العراقية، ومدينة الرقة السورية.

ودعا "داعش" أتباعه، في ردٍّ على هذا الضغط، إلى حمل القتال إلى موطن أعدائه أينما كانوا. وربما تُلائم الهجمات الإرهابية الأخيرة في مانشستر وكابول وبغداد ولندن ومدينة مراوي في الفلبين هذا النمط المتصاعد من النشاط خارج الحدود من قبل أتباع داعش.

هل يلجأ ترامب لسياسة بوش؟

وسَيتبع كل من القادة والمعلِّقين الإيرانيين المحافظين بالتأكيد خطى الحرس الثوري الإيراني، بإبراز دور المملكة العربية السعودية -بالاشتراك مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب- في هجمات الأربعاء.

ولا ينسى أحد في طهران الجهود السرية الموثَّقة جيداً لإدارة الرئيس الأسبق جورج بوش عام 2000، لزعزعة استقرار إيران، بتمويل جماعات المعارضة الداخلية المسلحة. ولا يُنسى كذلك الدعم الأميركي غير الرسمي لجماعة "مجاهدي خلق" (المعروفة باسم منظمة مجاهدي الشعب الإيراني)، وهي جماعة كان يدعمها سابقاً الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ومسؤولة عن عددٍ كبير من الهجمات المسلحة داخل إيران.

والسؤال المطروح الآن هو هل يُشجِّع عداء ترامب العلني تكرار الجهود السابقة لزعزعة استقرار إيران، بشكل مباشر أو غير مباشر؟ على عكس سياسة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بالتدخل المحدود في إيران.

وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب شنَّ هجوماً قاسياً على إيران، في شهر مايو/أيار 2017. وطالَبَ، أثناء حديثه خلال زيارته للرياض، بعزل إيران دولياً، مُدعياً أنَّ طهران كانت المصدر الرئيسي في العالم "للصراع الطائفي المحتدم والإرهاب".

ويتهم مضيفه، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، إيران "بتَزعُّم الإرهاب العالمي". وبإيعازٍ من إسرائيل، هدَّدَ ترامب بالتراجع عن اتفاق أوباما النووي التاريخي مع إيران عام 2015.

كما عقد ترامب صفقةَ أسلحةٍ كبيرة مع السعوديين. والأسبوع الجاري أعلن دعمه لنبذ الرياض الدبلوماسي والتجاري لقطر، وهي الدولة الوحيدة تقريباً بين دول الخليج العربية التي حاولت الإبقاء على علاقات جيدة مع إيران. وقد دفع هذا السياسيين الإقليميين إلى التحذير من حربٍ وشيكةٍ.

الرياض وداعش

ويرفض قادة إيران اتهامات ترامب رفضاً قاطعاً. ويقولون إن الرياض هي أكبر ملهم (مصدر الإلهام الأكبر) وداعم لتنظيم داعش، ويشيرون إلى أن إيران والولايات المتحدة تقفان على نفس الجانب وتقاتلان الجهاديين في العراق.

واعتبرت صحيفة الغارديان أنه عكس الأنظمة الحاكمة المُستَبِدة في الخليج، فإن إيران لديها أيضاً نظام سياسي شبه ديمقراطي، في ظل وجود برلمان ورئيس منتخبين، وهو ما يُبدِّد صورتها كـ"راعيةٍ للإرهاب". ويبدو أن هذه الحقيقة المُحرِجة تُغضِب ترامب والسعوديين وداعش على حد سواء.

علق هنا